الحياء، فإن هذا مما يكرهه الله ويَذُمُّه. وهذا نصَّ في ذم التطفّل والطفيليين وتحريم ذلك السلوك.
وقوله: {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا}.
أى: ولكن إذا دعاكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فادخلوا البيت الذي دعاكم إليه.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إذا دعا أحدُكم أخاه فَلْيُجِبْ، عُرْسًا كانَ أو غيره] (?).
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [لو دُعيتُ إلى ذِراعٍ لأجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إليَّ كُرَاع لَقَبِلْتُ] (?).
وقوله: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}.
أي: فإذا فرغتم من الطعام فتحركوا للخروج وتفرقوا فانتشروا في الأرض، فإن في ذلك تخفيفًا عن أهل المنزل.
وقوله: {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}. قال مجاهد: (بعد أن تأكلوا).
أي: ولا مسترسلين بالحديث بعد انتهائكم من الطعام إيناسًا من بعضكم لبعض، كما حصل لأولئك النفر الثلاثة الذين أحرجوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}.
أي: إن دخولكم بيوت النبي من غير أن يؤذن لكم، ثم استمتاعكم بالحديث بعد فراغكم من أكل الطعام إذا دعيتم، كل ذلك كان يشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيستحي من إخراجكم أو الإشارة إليكم بما يعرفكم بذلك، والله تعالى لا يستحيي من بيان الحق لكم.
وقوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}.
قال قتادة: (بلغنا أنهن أمرن بالحجاب عند ذلك). قال ابن كثير: (أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظُروا إليهنَّ بالكُلِّية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناوُلَها منهن فلا ينظر إليهنَّ، ولا يسألهن حاجةً إلا من وراء حجاب).