89 - 91. قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)}.

في هذه الآيات: يتابع ذو القرنين مسيره من مغرب الشمس إلى مطلعها، يقيم الحق وميزان العدل في الأرض، وكلما مَرَّ بأمَّةٍ قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله عزَّ وجل، فإن دانو له بالطاعة تركهم، وإلا أذلهم وأرغم أنوفهم وكسر شوكتهم، واستباح أموالهم وأمتعتهم، وربما استخدم من كل أمة ما يستعين به في جيوشه على قهر القرى المتاخمة لهم، فلما بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لا بناء يحجب الشمس عنهم، ولا مضارب أحد من الناس تكون بينهم وبين الشمس، فإذا اشتدت عليهم الشمس دخلوا في أسراب لهم، فإذا ذهبت حِدّتها أو زالت خرجوا من أسرابهم إلى أعمالهم في حروثهم ومعايشهم. والله تعالى عليم بكل أحوال هذا الرجل القائم بأمره وبكل شؤون جيشه ومسيرهم وأحوال الأقوام التي يقيم فيهم حكم الله عز وجل.

فقوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}. قال القرطبي: (أي سلك طريقًا ومنازل).

وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}. قال قتادة: (ذكرَ لنا أنهم بأرض لا تُنْبِتُ لهم شيئًا، فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب، حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حُروثهم ومعايشهم).

وقال الجوهري: (المعنى أنه انتهى إلى موضع قوم لم يكن بينهم وبين مطلع الشمس أحد من الناس. والشمس تطلع وراء ذلك بمسافة بعيدة).

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا}. قال مجاهد: (عِلْمًا).

قال ابن كثير: (أي: نحن مُطَّلِعونَ على جميع أحواله وأحوال جيشه، لا يخفى علينا منها شيء، وإن تفرّقَت أُمَمهم وتقطَّعت بهم الأرض، فإنه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]).

92 - 99. قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015