إلى أقصى ما يُسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض).
وقوله: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}. قال ابن عباس: (ذات حَمْأة) وهو الطين الأسود. وقال كعب الأحبار: (أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء). وهناك قراءة لابن عباس: {في عين حامية} (?) يعني حارة. ولا منافاة بين القولين - كما ذكر ابن كثير والقاسمي -: إذ قد تكون حارَّةً لمجاورتها وَهجَ الشمس عند غروبها، وملاقاتها الشعاع بلا حائل. قال ابن كثير: (أي: رأى الشمس في منظره تغربُ في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرُبُ فيه، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مُثَبتَة فيه لا تُفارِقُهُ).
وقوله: {وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}.
أي: إنه رأى عندها أمة من الأمم. قال القاسمي: (ثم أشار تعالى إلى أنه مكَّنَهُ منهم، وأظهره بهم، وحكَّمَهُ فيهم، وجعل له الخيرة في شأنهم، بقوله: {قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} أي بالقتل وغيره {وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} بالعفو. ثم بَيّنَ عدله وإنصافه، ليحتذى حذوه، بقوله سبحانه).
وقوله: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ}. قال قتادة: (بالقتل).
أي: أما من استمر على الكفر والشرك بربه والإفساد والظلم في الأرض فسوف نعاقبه بالقتل.
وقوله: {ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا}. قال النسفي: (في القيامة، يعني أما من دعوته إلى الإسلام فأبى إلا البقاء على الظلم العظيم وهو الشرك فذاك هو المعذب في الدارين).
وقوله: {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى}. أي: وأما من تابعنا على الإيمان بالله والعمل الصالح فإن جزاءه الجنة في الدار الآخرة.
وقوله: {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}. قال مجاهد: (معروفًا).
قال ابن جرير: (يقول: وسنعلمه نحن في الدنيا ما تيسر لنا تعليمه مما يقربه إلى الله ويلين له من القول).