أخرج أبو داود والحاكم والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما أدري تُبَّعٌ ألعينًا كان أم لا؟ وما أدري ذا القرنين أنَبِيًّا كان أم لا؟ وما أدري الحُدود كفاراتٌ أم لا؟ ] (?).

قال ابن عساكر (?): (وهذا الشك من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبل أن يبين له أمره، ثم أخبر أنه كان مسلمًا، وذاك فيما أخبرنا. . . ثم ساق الحديث: "لا تسبُّوا تبعًا فإنّه كان قد أسلم" (?)).

وبنحوه قال الهيثمي: (يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - قاله في وقت لم يأته فيه العلم عن الله، ثم لما أتاه قال ما رويناه في حديث عبادة وغيره). يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: ". . . ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب فهو كفارة له. ." أخرجه الشيخان وغيرهما.

وقال القشيري أبو نصر: (قوله تعالى: {قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ} - إن كان نبيًا فهو وحى، وإن لم يكن نبيًا فهو إلهام من الله تعالى).

قلت: والراجح عندي من هذه الآية والحديث السابق أنه نبيٌّ، والله تعالى أعلم.

86 - 88. قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}.

في هذه الآيات: وصولُ ذي القرنين إلى أقصى الغرب من الأرض، ورؤيته الشمس تغرب في البحر المحيط، وعندها قوم من الناس فعرفوا قَدْرَه وتحاكموا إليه، فحَكَمَ على المشرك بربه المفسد في الأرض بالقتل، ثم يُرَدُّ إلى ربه ليحكم بأمره يوم القيامة. وأما المؤمن العامل بالصالحات فله التوقير في الدنيا وحسن المنقلب في الآخرة.

فقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ}. قال ابن كثير: (أي: فسلك طريقًا حتى وصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015