- بعلم الله - كافرًا. فخشي أن يحملهما حُبُّهُ على متابعته على الكفر.
قال قتادة: (قد فَرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب).
وأما الجدار فإنما أصلحه لأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة (?)، وكان تحته كنز مدفون لهما، فأراد الله ببركة صلاح والدهما أن يحفظ ذريته من بعده. قال ابن عباس: (حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر لهما صلاح). قال ابن كثير: ({فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا}، ها هنا أسند الإرادة إلى الله تعالى، لأن بلوغهما الحلم لا يقدر عليه إلا الله. وقال في الغلام: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ} وقال في السفينة: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}، فالله أعلم).
وقوله: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}. أي: إنما كان ما فعلته في الأحوال الثلاثة رحمة من الله بأصحاب السفينة ووالدي الغلام ووَلدي الرجل الصالح.
وقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} - دلالة على نبوة الخضر عليه السلام، أي إنما أمرت بفعل ما أمرت به وَوُقِفْتُ عليه.
وقوله: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. أي: ذلك تفسير ما ضقت به ذرعًا ولم تعلم حكمته. وفيه مقابلة كل مقام بما يقابله، فإن قوله: {تَسْطِعْ} جاء بعد حل الإشكال وتوضيح ما وراء الستار، وقبل ذلك كان الأمر مُحَيِّرًا ثقيلًا فناسب القول: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}.
83 - 85. قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}.
في هذه الآيات: يسألك يا محمد بعض مشركي قومك عن خبر ذي القرنين فقل سأقص عليكم من أمره خبرًا موثوقًا. إنَّه رجل صالح من عباد الله الصالحين، دانت له