أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}.
في هذه الآيات: تأويل الخضر المواقف التي لم يصبر عليها موسى - عليهما السلام -، فَخَرْقُهُ السفينة كان لحمايتها لأصحابها من ملك ظالم غاصب، وقتلُ الغلام كان رحمة بأبويه من مستقبل فاسد، وصلاحُ الأبوين كان سببًا في حماية الله كنزهما لذريتهما من بعدهما، وكل ذلك من وحي الله العليم الحكيم.
أخرج البخاري في صحيحه من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: [{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}: وكان أمامهم، قرأها ابن عباس: "أمامهم ملك". قال البخاري: يزعمون عَنْ غير سعيد: أنهُ هُدَدُ بن بُدَدَ، والغلام المقتول، يزعمون: اسمُه حَيْسُورُ، {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} فأردت إذا هي مَرَّت به أن يَدَعَها لِعَيْبِها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها - ومنهم من يقول: سدّوها بقارورة، ومنهم من يقول: بالقار، {فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} وكان كافرًا. {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} أن يحملهما حبّه على أن يتابعاه على دينه، {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} لقوله: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} {وَأَقْرَبَ رُحْمًا}: هما به أرحَمُ منهما بالأول الذي قتل خَضِرٌ. وزعم غيرُ سعيد أنهما أبدِلا جارية. وأما داود بن أبي عاصم فقال: عن غير واحد: إنَّها جارية] (?).
وفي صحيح مسلم عن أبيّ بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [الغلامُ الذي قتلهُ الخَضِرُ طُبِعَ يومَ طبع كافرًا] (?).
والخلاصة: كان خرق الخضر عليه السلام للسفينة عن حكمة غير ظاهرة، وهذا ما حمل موسى عليه السلام على الإنكار، فقد خرق السفينة ليعيبها لأنهم كانوا يمرون بها على ملك ظالم يأخذ كل سفينة صالحة لنفسه، فأراد بعيبها أن يرده عن أخذها لينتفع بها أصحابها المساكين. وأما الغلام الذي قتله الخضر فإنه كان طُبعَ