وقوله: {بِغَيْرِ نَفْسٍ}. قال ابن جرير: (يقول: بغير قصاص بنفس قتلت، فلزمها القتل قودًا بها). وقال ابن كثير: (أي: بغير مُسْتند لقتله).
وعن قتادة: ({لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} والنُّكْرُ أشدّ من الإمر). والمعنى: لقد جئت أمرًا منكرًا، وأقدمت على فعل ليس من المعروف في شيء. وقال البخاري: (نكرًا: داهية).
وقوله: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}. أي: قد بلغت العذر في شأني، أو قد أعذرت إليَّ مرة بعد مرة.
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن أبي بن كعب قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا بدأ بنفسه، وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} مثقَّلَةً] (?).
وقوله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}. أي: يسقط ويقع. أي وجدا في القرية حائطًا يوشك على الانهيار فأقامه وأصلحه رغم أنهم لم يطعموهم. قال قتادة: ({فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} وتلا إلى قوله {لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} شرّ القرى التي لا تُضيف الضيف، ولا تعرف لابن السبيل حقه). وفي الحديث: (حتى إذا أتيا أهل قرية لئامًا) (?)، أي بخلاء. وعن سعيد بن جبير: ({فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} قال: رفع الجدار بيده فاستقام). قال ابن كثير: (إسْنادُ الإرادة ها هنا إلى الجِدار على سبيل الاستعارة، فإن الإرادة في المحدَثات بمعنى الميل. والانقضاض هو السقوط).
وفي النهاية قال الخضر لموسى - عليهما السلام - {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} - لأنك شرطت ذلك على نفسك عند قتل الغلام ألا تسألني عن شيء بعدها وإلا {فَلَا تُصَاحِبْنِي}، فهذا أوان فراق بيني وبينك، وسأنبئك بتفسير ما لم تستطع عليه صبرًا.
79 - 82. قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا