قال: فلم يَفْجأْ موسى إلّا إذْ عَمَدَ الخَضِرُ إلى قَدُوم فخرق السفينة، فقال له موسى: قَوْمٌ حملونا بغيرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إلى سفينتهم فخرقتها. (وفي لفظ: قال موسى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} - قال مجاهد: مُنْكرًا - قال: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} كانت الأولى نِسيانًا، والوُسْطى شَرْطًا، والثالثةُ عَمْدًا).

فانطلقا إذا هما بغلام يلعبُ مع الغِلمان، فأخذ الخَضِرُ برأسه فقطعه، (وفي لفظ: قال سعيد: وجد غلمانًا يلعبون فأخذ غلامًا كافرًا ظريفًا، فأضجعه ثم ذبحه بالسكين)، قال له موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} إلى قوله: {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فقال بيده هكذا، فأقامه، فقال له موسى: إنا دخلنا هذه القرية فلم يُضَيِّفونا ولم يُطْعِمُونا {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وَدِدْنا أنَّ موسى صَبَرَ حتى يُقَصَّ علينا من أمْرِهِما (?). قال: وكان ابن عباس يقرأ: "وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا". وأما الغلام فكان كافرًا] (?).

وقوله: {مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}. أي: مما هو رشاد إلى الحق ودليل على هدى.

وقوله: {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}. قال ابن جرير: (يقول: حتى أحدث أنا لك مما ترى من الأفعال التي تستنكرها أذكرها لك وأبين لك شأنها، وأبتدئك الخبر عنها).

وقوله: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}. قال قتادة: (نكرًا). أو قال: (عجبًا). وقال مجاهد: (منكرًا). وعن ابن عباس: ({قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} أي: بما تركت من عهدك). وقوله: {وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} أي: لا تضيق عليّ أمري معك، وصحبتي إياك.

وعن ابن عباس: ({أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} قال: والزكية التائبة). وفي قراءة أهل الحجاز والبصرة: (زاكية). قال سعيد بن جبير: (مسلمة). وقيل: ({أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} أي صغيرة لم تعمل الخبث، ولا حملت إثمًا بعد فقتلتَه).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015