الخروج، يقال: فسقت الرُّطبة: إذا خرجت من أكمامها. "وفسقت الفأرة من جُحرها" إذا خرجت منه للعَيْث والفساد.
وقوله: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}.
قال القاسمي: (أي فتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتي، وهم لكم عدوٌّ يبغون بكم الغوائل ويوردونكم المهالك؟ وهذا تقريع وتوبيخ لمن آثر اتّباعه وإطاعته. ولهذا قال تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ} أي الواضعين الشيء في غير موضعه {بَدَلًا} بئس البدل من الله إبليس، لمن استبدله فأطاعه بدل طاعته).
قلت: وعداوة إبليس لذرية آدم عميقة وكبيرة، حتى إنه يبعث كل يوم سراياه ليخربوا بيوت بني آدم بكفر أو قتل أو طلاق أو نشر للرذيلة والفواحش وغير ذلك.
ففي صحيح مسلم عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنَّ إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعتَ شيئًا، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، فيدنيه منه ويقول: نِعْمَ أنت] (?).
وله شاهد عند ابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا أصبح إبليس بثَّ جنوده، فيقول: من أضَلَّ اليوم مسلمًا ألبستُه التاج، فيخرجُ هذا فيقول: لم أزل به حتى طلَّقَ امرأته فيقول: أوشك أن يتزوج. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقّ والديه فيقول: يوشك أن يَبَرَّهما. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت ويُلبِسُه التاج] (?).
وقوله: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}.
توبيخ للمشركين في اتخاذهم الشياطين أولياء وهم خلق من خلق أمثالهم، وردٌّ على المتعالمين الذين يريدون أن يجزموا بنظرياتهم العلمية المتأرجحة فيقرّروا حقائق في الخلق لا يعلمها إلا الله. قال ابن كثير: (يقول تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عَبيدٌ أمثالكُم، لا يملكون شيئًا، ولا أشهدتهم خَلْقِي للسماوات