والأرض، ولا كانوا إذْ ذاك موجودين، يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كُلِّها، ومُدَبِّرُها ومُقَدِّرها وَحْدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير، ولا مشير ولا نظير، كما قال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} الآية [سبأ: 22]).

وقوله: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}. قال قتادة: (أي: أعوانًا).

وقوله: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ}. تقريع وتوبيخ آخر للمشركين. أي: ادعوا اليوم الذين كنتم تزعمون في دار الدنيا أنهم شركائي في العبادة لينصروكم وينقذوكم مما أنتم مقبلون عليه من الخزي والهلاك.

وقوله: {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ}. أي: فاستغاثوا فلم يغيثوهم.

وقوله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا}. قال ابن عباس: (مَهْلِكًا). وقال ابن زيد: (الموبق: المهلك، الذي أهلك بعضهم بعضًا فيه). وقال مجاهد: (واديًا في النار).

قال القاسمي: ({وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} أي بين الكفار وآلهتهم {مَوْبِقًا} أي مهلكًا يشتركون فيه، وهو النار. أو عداوة في الشدة نفس الهلاك).

وخلاصة المعنى: أنه لا سبيل لهؤلاء المشركين إلى نصرة يوم القيامة، بل بينهم وبين آلهتهم المزعومة مهلك وهوْلٌ عظيم وأمر كبير، وكلاهما في نار السعير.

وفي التنزيل نحو ذلك:

1 - قال تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} [القصص: 64].

2 - وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5, 6].

3 - وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَنْ عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشِركَه] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015