فدخلوا يزحفون على أسْتاهِهِمْ، فبدّلوا وقالوا: حِطّةٌ: حَبَّةٌ في شعيرة] (?).
وفي رواية: [فبدلوا فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا: حبّةٌ في شعْرَة].
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه -في كتاب التفسير- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سُجَّدًا وقولوا حِطّةٌ نغفر لكم خطاياكم، فبدلوا، فدخلوا الباب يزحفون على أستاهِهمْ، وقالوا: حَبَّةٌ في شَعرَه] (?). وفي غير الصحيحين: (حنطة في شعَر).
الحديث الثالث: أخرج الطبري بإسناد لا بأس به، عن محمد بن إسحاق بسنده إلى ابن عباس: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دخلوا الباب -الذي أُمِرُوا أن يدخلوا فيه سجّدًا- يزحفون على أستاههم، وهم يقولون: حنطة في شعيرة] (?).
قاق القرطبي: (استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبُّد بلفظها أو بمعناها، فإن كان التعبُّد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها، لذم الله تعالى من بدّل ما أمره بقوله. وإن وقع بمعناها جاز تبديلها بما يؤدي إلى ذلك المعنى، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه).
وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمهم الله إلى أنه يجوز للعالم بمواقع الخطاب البصير بآحاد كلماته نقل الحديث بالمعنى لكن بشرط المطابقة للمعنى بكماله، وهو قول الجمهور. في حين منع ذلك ابن سيرين والقاسم بن محمد ورجاء بن حَيْوةَ.
قلت: ولا شك أن ما لا يتعبد بلفظه يجوز نقله بالمعنى - وإن كان الأوْلى نقله كما جاء في مواضعه ومصادره -، فقد نقل الصحابة السيرة بألفاظ متشابهة وعبارات متقاربة، وكان وكيع يقول: (إن لم يكن المعنى واسعًا فقد هلك الناس). وقال قتادة عن زُرارة بن أوفى: (لقيت عدّة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختلفوا عليّ في اللفظ واجتمعوا في المعنى). وكان النّخَعِيّ والحسن والشعبي رحمهم الله يأتون بالحديث على المعاني. وقال الحسن: (إذا أصبت المعنى أجزأك). وأما إن كان اللفظ يتعبد به