فلا يجوز أن يُروى قريبًا منه، بل تجب الدقة في تتبع ألفاظه. فلا يجزئك أن تقول في السجود "سبحان ربي العلي" بدل الأعلى، أو أن تقول في الركوع "سبحان ربي العليم" بدل العظيم. وكذلك أوراد الطعام والشراب والنوم وأدعية الاستفتاح في الصلاة، وأدعية دخول المسجد والخروج منه، وما يقال عند تشميت العاطس وعند السلام وعند التعزية أو الدفن وعند رؤيه الهلال وعند اشتداد الرياح ... إلى غير ذلك من مواضع الذكر والدعاء الذي لا بد فيه من الدقة. وخير دليل على هذا الحديثان الآتيان:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن البراء بن عازب قال: [قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتيت مَضْجَعَكَ فتوضأ وضوءَك للصلاة، ثم اضطجع على شِقِّكَ الأيمن، ثم قُل: اللهم أسْلَمْت وجهي إليك، وفَوَّضْتُ أمري إليك، وألْجَأْت ظهري إليك، رَغْبَة ورَهْبَةً إليك، لا ملجأ ولا مَنْجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أَنْزلْت، ونَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإن مُتَّ من لَيْلَتِكَ، فأَنْتَ على الفطرة، واجْعَلهن آخِرَ ما تتكلم به". قال: فَردَّدْتُها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغتُ: "اللهم آمنت بكتابك الذي أنْزلت" قلْتُ: وَرَسولكَ، قال: لا، ونبيِّكَ الذي أرْسَلْتَ] واللفظ للبخاري (?).
وفي رواية مسلم: [قال: فَرَدَّدْتُهُنَ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ فقُلْتُ: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال: "قل آمنت بنبيك الذي أرسلتَ"] (?).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [نَضَّرَ الله امرأً سمع منا شيئًا، فبلَّغَهُ كما سَمِعَه، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامع] (?).
وفي لفظ آخر -من طريق جبير بن مطعم-: [نَضَّرَ الله عبدًا سمع مقالتي، فوَعاها وحفِظَها، ثم أدّاها إلى مَنْ لم يسمعها، فرُبَّ حامل فقهٍ غيرُ فقيه، ورُبَّ حامِل فقهٍ إلى من هو أفقَهُ منه ... ] (?).