7 - ورُوي عن ابن مسعود: (قيل لهم: ادخلوا الباب سجدًا، فدخلوا مقنعي رؤوسهم، أي رافعي رؤوسهم خلاف ما أمروا).
قلت: وبالجمع بين هذه الأقوال فإن السجود الذي أمروا به - عند دخولهم الباب المخصص لذلك الأمر من أبواب بيت المقدس - يشمل الانحناء والتواضع والشكر لله العظيم الذي أنعم وتفضّل بالنصر بعد الكرب وباليسر بعد العسر. قال أبو جعفر: (وأصل "السجود" الانحناء لمن سُجد له معظَّمًا بذلك. فكلّ مُنحنٍ لشيء تعظيمًا له فهو "ساجد". قال: فلذلك تأويل ابن عباس قوله: "سجّدًا" ركّعًا. لأن الراكع مُنحنٍ وإن كان الساجدُ أشدّ انحناءً منه).
وقوله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}. عطف على ادخلوا، و"حِطّةٌ" بالرفع قراءة الجمهور، فهي خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: مسألتنا حطة. فهي فِعلة، من قول القائل: حطّ الله عنك خطاياك فهو يَحُطّها حِطَّة. قال الأخفش: (وقرئت "حِطّةً" بالنصب، على معنى احطط عنا ذنوبنا حِطة). وإليك أقوال أهل التفسير في مفهوم ذلك:
1 - قال الحسن وقتادة: (أي احطط عنا خطايانا). وقال ابن زيد: ({وَقُولُوا حِطَّةٌ}، يحط الله بها عنكم ذنوبكم وخطيئتكم). وقال ابن عباس: (يُحطّ عنكم خطاياكم). وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: "حطة"، مغفرة.
2 - عن عكرمة: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}، قال: (قولوا: "لا إله إلا الله").
3 - عن ابن عباس: ({وَقُولُوا حِطَّةٌ}، قال: أمِروا أن يستغفروا).
4 - عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}، قال: (قولوا: هذا الأمر حق كما قيل لكم).
قلت: والأَوْلى أن يقال: إن الله سبحانه قد تعبّدهم، بذكر هذا اللفظ بعينه أثناء دخولهم، ولا شك أنهم بقولهم إياه وامتثالهم الأمر يحط الله عنهم بذلك أَوزارهم كما قال جل ثناؤه: {نَغْفِرْ لَكُمْ}، وقد دلت السنة الصحيحة على ذلك، كما في الأحاديث التالية:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه - في كتاب التفسير - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ}