بها على مرّ الأيام، وما دفعهم إلى ذلك إلا الكبر والبغي، ورسول الله بشر - عليه الصلاة والسلام -.
فقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا}.
هو من قيل المشركين للنبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه التنطع. قال قتادة: (أي حتى تَفْجُر لنا من الأرض عيونًا: أي ببلدنا هذا). والينبوع: العينُ الجارية.
وقوله تعالى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا}.
أي: أو يكون لك بستان من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلال النخيل والكروم. قال القاسمي: (وإنما قدموا في عنتهم هذا المقترح، لأنهم كانوا يرِدون بلاد الشام والعراق، ويرون ما فيها من البساتين والأنهار).
وقوله: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا}. قال ابن عباس: (يعني قِطعًا). قال ابن كثير: (أي: إنك وعدتنا أن يوم القيامة تَنْشَقُّ السماءُ وتَهِي، وتُدَلَّى أطرافها، فعجّل ذلك في الدنيا، وأسقطها كسَفًا، أي: قطعًا).
وفي التنزيل نحو ذلك:
1 - قال تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
ولكن نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - سأل إنظارهم عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا.
2 - وقال تعالى: - عن سؤال قوم شعيب نحو ذلك -: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء: 187].
فعاقبهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم.
وقوله: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} - فيه تأويلان:
التأويل الأول: أي: حتى يأتي الله والملائكة كلَّ قبيلة فيعاينونهم، أي قبيلة قبيلة، قال مجاهد: (قبائل على حدتها كلّ قبيلة).
التأويل الثاني: معناه: أن تأتي بالله والملائكة عيانًا نقابلهم مقابلة، فنعاينهم معاينة. قال قتادة: ({أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} نعاينهم معاينة).