وقوله: {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا}. أي ناصرًا يردّه إليه، ويعيده لك محفوظًا مسطورًا.

وقوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا}. أي: إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك، أو يحمل المعنى على الاستثناء المنقطع، والتقدير: أي ولكن رحمة من ربك تركته - يا محمد - غير مذهوب به. قال النسفي: (وهذا امتنان من الله تعالى ببقاء القرآن محفوظًا بعد المنة العظيمة في تنزيله وتحفيظه).

وقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}.

تكذيب من الله تعالى لادعاء الكفار وزعمهم: لو نشاء لقلنا مثل هذا. والمعنى: لو اجتمع فصحاء الجن والإنس وكان بعضهم لبعض عونًا ونصيرًا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، فإنهم لا يستطيعون ذلك، وإن الله تعالى سيخذلهم. قال ابن جريج: (ظهيرًا: معينًا. يقول: لو برزت الجن وأعانهم الإنس فتظاهروا لم يأتوا بمثل هذا القرآن).

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ولقد بَيَّنا للناس في هذا القرآن من كل مثل، احتجاجًا بذلك كله عليهم، وتذكيرًا لهم، وتنبيهًا على الحق ليتبعوه ويعملوا به {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} يقول: فأبى أكثر الناس إلى جحودًا للحقّ، وإنكارًا لحجج الله وأدلته).

90 - 93. قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}.

في هذه الآيات: تَنَطُّعُ المشركين في أمر الإيمان، بالمطالبة بالمعجزات والتحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015