قلت: والتأويل الثاني أرجح من الأول، وأليق بكلام العرب، وهو اختيار ابن جرير.
وقوله: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ}. قال ابن عباس: (يقول من ذهب).
وقوله: {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} أي تصعد في درج السماء.
وقوله: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}. قال قتادة: (أي كتابًا خاصًا نؤمر فيه باتباعك). أي: لن نصدقك في أمر رقيك إلى السماء حتى تنزل لنا كتابًا منشورًا نقرأ فيه أمرنا باتباعك والإيمان بك.
وقوله: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}. قال القاسمي: (أي تنزه ربي عن فعل ما اقترحتموه من المحال وما يناقض حكمته. وما أنا إلا بشر رسول. عَليَّ أن أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم. وقد أتيتكم بما يدل على صدق رسالتي مما أوحاه إليّ. وذلك ما تحدّيتكم بالإتيان بسورة مثله في الهداية والإصلاح. كما أمرني ربي. ولا أقترح عليه، سبحانه، ما لا يجوز أن يكون، أو ما يكون فعله عبثًا، لخلوّه عن الفائدة).
94 - 99. قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99)}.
في هذه الآيات: امتناع الناس عن الإيمان لِكَوْنِ الرسول من البشر، وإنما حملهم على هذا التنطع الكبر والبطر، فإنه لو كان في الأرض ملائكة لناسب إرسال الله إليهم ملكًا مثلهم، والله خبير بعباده بصير بأعمالهم. إنما أمر الهداية والضلال بيد الله، فمن