قال ابن كثير: (أي: من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح، يقرؤه ويحبُّ قراءته، كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}).

وعن قتادة: ({وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} قال: الذي في شق النواة). فالفتيل هو الخيط المستطيل المنفتل في شق النواة، أي: والله تعالى لا يظلم عبده ولا ينقصه من ثوابه أدنى شيء.

وقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا}.

قال النسفي: (ولم يذكر الكفار وإيتاء كتبهم بشمالهم اكتفاء بقوله: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ} الدنيا {أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} كذلك {وَأَضَلُّ سَبِيلًا} من الأعمى أي أضل طريقًا).

أي: من كان في الدنيا أعمى عن حجج الله وآياته بعثه الله يوم القيامة أعمى، كما قال: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124 - 126] وكقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [الإسراء: 97].

وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: [أن رجلًا قال: يا نبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة] (?).

73 - 75. قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}.

في هذه الآيات: إخبارٌ من الله تعالى عن تأييده رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتثبيته وعصمته من كيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015