71 - 72. قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)}.
في هذه الآيات: إخبارُ الله تعالى عن توزيع الناس يوم الحشر خلف أئمة منهاجهم ودينهم، فمن أوتي كتابه بيمينه كان من أهل السعادة. ومن كان في الدنيا أعمى عن حجج الله بُعِثَ يوم القيامة أعمى وأضل طريقًا.
فقوله: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} - فيه أكثر من تأويل:
1 - قال مجاهد: (نبيّهم).
2 - وقال أبو العالية: (بأعمالهم).
3 - وقال الضحاك: (بكتابهم).
4 - وقال الحسن: (بكتابهم الذي فيه أعمالهم).
5 - وقال ابن عباس: (الإمام ما عمل وأملى، فكتب عليه، فمن بعث متقيًا لله جعل كتابه بيمينه، فقرأه واستبشر، ولم يظلم فتيلًا، وهو مثل قوله: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: 79]. والإمام: ما أملى وعمل).
قلت: والراجح ما اختاره شيخ المفسرين في معنى الإمام - قال ابن جرير: (معنى ذلك: يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به، ويأتمون به في الدنيا، لأن الأغلب من استعمال العرب الإمام فيما اؤْتُمَّ واقتدي به، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر أولى ما لم تثبت حجة بخلافه يجب التسليم لها).
قلت: ويؤيد هذا ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: [يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: مَنْ كان يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فيتَّبِعُ مَنْ كان يَعْبُدُ الشَمْسَ الشَّمْسَ، ويَتَّبِعُ من كان يعبُدُ القمرَ القمرَ، ويتبعُ مَنْ كان يعبد الطواغيتَ الطواغيتَ. .] الحديث (?).
وقوله: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}.