المشركين ومحاولات الفجار الماكرين. وأنه تعالى هو حافظه ومؤيده ومظهر دينه.
قال النسفي: (المعنى: إن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين {عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} لتقول علينا ما لم نقل، يعني ما اقترحوه من تبديل الوعد وعيدًا والوعيد وعدًا {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أي ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك خليلًا، ولكنت لهم وليًا، وخرجت من ولايتي {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ} ولولا تثبيتنا وعصمتنا {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} لقاربت أن تميل إلى مكرهم {شَيْئًا قَلِيلًا} ركونًا قليلًا، وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت {إِذًا} ولو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة {لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين لعظيم ذنبك بشرف منزلتك ونبوتك، كما قال: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ}، الآية. وأصل الكلام: لأذقناك عذاب الحياة وعذاب الممات، لأن العذاب عذابان: عذاب في الممات وهو عذاب القبر، وعذاب في حياة الآخرة وهو عذاب النار).
76 - 81. قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)}.
في هذه الآيات: إعلامُ الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أنه إن كاد قومك ليستخفونك من الأرض ليخرجوك منها فليعلموا أنهم إن فعلوا لم يلبثوا بعدك إلا قليلًا. سنة الله في الأمم ورسلها ولا تغيير لسنته تعالى ولا تجد لها تحويلًا. فحافظ على الصلوات المفروضة وبادر إلى قيام الليل، فعسى بذلك أن يُقَوِّيك ربك ويبعثك مقامًا محمودًا. واسأل ربك فرجًا قريبًا ومخرجًا إلى مكان تأمن فيه على دينك وعلى أصحابك، واستبشر بالحق يعلو قريبًا ويزهق الباطل، فإن الباطل كان زهوقًا.
فقوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} الآية. قال ابن جرير: