لا يَحْرِزُ نفسَهُ من الشيطان إلا بذكر الله تعالى] (?).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنّ المؤمن لَيُنْضي شياطينه، كما يُنْضي أحدُكم بعيرَه في السفر] (?). يُنْضي، أي: يأخذُ بناصيته ويقهَرُه.
66 - 70. قوله تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)}.
في هذه الآيات: امتنانُ الله تعالى على عباده تسخيره الفلك لهم تسير في البحر لمنافعهم، وإذا مسّهم الضر أثناء ركوبهم أفردوه تعالى بالدعاء ثم ما لبثوا أن عادوا لشركهم بعدما أنجاهم. فهل أمنتم - أيها الناس - خسفه البرّ بكم أو إعادتكم في ظلمات البحر تعصف بكم الرياح لتهلككم. إنه تعالى هو الذي كَرَّمَكُم وحَمَلَكُم في البر والبحر ورزقكم وفَضَّلكم على كثير من عباده ثم أكثركم يشركون.
فعن ابن عباس: ({رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ} يقول: يجري الفلك). وقال قتادة: (يسيرها في البحر). وقال ابن زيد: (يجريها). قال ابن جرير: ({لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} لتوصلوا بالركوب فيها إلى أماكن تجاراتكم ومطالبكم ومعايشكم،