وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشَهم، فكيف بمن يكون طعامه! ؟ ] (?).

وقوله: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}. أي: ونخوف هؤلاء الكفار بالوعيد والعذاب، والشقاء والنكال، وطعام الزقوم الذي هو كالمهل يغلي في البطون، وما يزيدهم هذا التخويف إلا تماديًا في الكفر والضلال، وعنادًا وكبرًا واستهزاءً بما يوصف لهم من سيِّئ الحال والمآل، وذلك من خذلان الله لهم ومكره بهم.

61 - 65. قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}.

في هذه الآيات: ذِكْرُ الله خبر سجود الملائكة لآدم بأمره، واستكبار إبليس عن ذلك وتَعَهُّده بإغواء الذرية، وتَعَهُّد الله إدخاله وأتباعه في نار جهنم، وإطلاقه في هذه الحياة الدنيا يدعو إلى معصية الله ليستجيب له المبطلون، وينجو بعون الله من كيده المؤمنون.

فقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}. تذكير من الله تعالى عباده عداوة إبليس القديمة لأبيهم آدم وذريته، ليحذروا من مكر هذا المستكبر اللعين، الذي أظهر الحسد والبغضاء وأبى أن يمتثل أمر الله بالسجود لآدم، وتعزز بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال، وقال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015