والخلاصة: يحض الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - على المضي في إبلاغ دعوته، وله الضمان من الله بالعصمة من أذى الناس ممن أراد به سوءًا وهلاكًا.
وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}.
أخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: [{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}، قال: هي رؤيا عَيْنٍ أُرِيَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ليلة أسرِيَ به، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}: شجرة الزقوم] (?).
قال القاسمي: (قال الأكثرون: يعني ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء من الآيات. فلما ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس، أنكر بعضهم ذلك وكذّبوا. وجعل الله ذلك ثباتًا ويقينًا للمخلصين. فكانت فتنة، أي اختبارًا وامتحانًا).
يروي ابن جرير عن ابن عباس وقتادة: (أن أبا جهل قال: زعم صاحبكم هذا - يعني النبي صلوات الله عليه - أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر! فكذبوا بذلك). وفي رواية: (أن أبا جهل قال: أيخوفني بشجر الزقوم؟ ثم دعا بتمر وزبد وجعل يأكل ويقول: تزقموا، فما نعلم الزقوم غير هذا).
قال النسفي: ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} معناه: والشجرة الملعون آكلها وهم الكفرة، لأنه قال: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}. فوصفت بلعن أهلها على المجاز، ولأن العرب تقول لكل طعام مكروه ضار: ملعون، ولأن اللعن هو الإبعاد من الرحمة، وهي في أصل الجحيم في أبعد مكان من الرحمة). وقيل: الملعون بمعنى المؤذي، لأنها تغلي في البطون كغلي الحميم. ومن ثمّ فوصفها بما سبق إما مجاز مرسل أو استعارة.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 62 - 65].
قال ابن جريج: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين، والشياطين ملعونون).
2 - وقال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 43 - 46].