وسلامه عليهم أجمعين، وسيد ولد آدم، وما جاء من النهي عن التفضيل بين الأنبياء - كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا -: [لا تفضلوا بين أنبياء الله. . .] الحديث (?)، فإن المقصود النهي عن التفضيل بينهم بمجرد التشهِّي والعصبية، لا بمقتضى الدليل، وأما ما ثبت من ذلك في التنزيل أو في السنة الصحيحة فإن الأصل في ذلك الاتباع.

وقوله: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}. تنبيه على فضله وشرفه - ذكره ابن كثير. قال القرطبي: (الزبور: كتاب ليس فيه حلال ولا حرام، ولا فرائض ولا حدود، وإنما هو دعاء وتحميد وتمجيد. أي كما آتينا داود الزبور فلا تنكروا أن يؤتى محمد القرآن. وهو في مُحاجّة اليهود).

وقال النسفي: ({وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} دلالة على وجه تفضيله (?)، وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم، لأن ذلك مكتوب في زبور داود، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}. وهم محمد وأمته).

قلت: وكل ما سبق يدخل في مفهوم الآية، فهي تشير إلى فضل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته، وكذلك إلى فضل داود عليه السلام وتلاوته، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [خُفِّفَ على داود القرآنُ، فكان يأمْرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فكان يقرأ قبل أن يفرُغَ] (?) - يعني القرآن.

وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}.

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله: [{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم النفر من الجن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015