واستمسك الإنس بعبادتهم، فنزلت: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}] (?).
ثم ساقه من طريق أخرى إلى ابن مسعود وفيه: (فأسلم الجنيون والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون، فنزلت).
ورواه الحاكم - على شرط مسلم - وفيه: [فأنزل الله عز وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} وذكر الآيتين، إلى قوله، {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ}].
قال ابن عباس: (الوسيلة: القربة). وقال قتادة: (الوسيلة: القربة والزلفى).
وخلاصة المعنى كما قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أربابًا {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} يقول: يبتغي المدعُوّون أربابًا إلى ربهم القُربة والزُّلفة، لأنهم أهل إيمان به، والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} أيهم بصالح عمله واجتهاده في عبادته أقرب عنده زلفة {وَيَرْجُونَ} بأفعالهم تلك {رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ} بخلافهم أمره {عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ} يا محمد {كَانَ مَحْذُورًا} متقى).
58 - 60. قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58) وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)}
في هذه الآيات: قضاءُ الله تعالى بإهلاك أهل القرى حالة عتوهم وبغيهم وتمردهم على دينه ورسله، وإنّ كثيرًا من الآيات والمعجزات لا تزيد الظالمين إلا عتوًا وكبرًا. وحضُّ الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - على المضي في إبلاغ دعوته وهو سبحانه يعصمه من الأذى، وقد