فإنه إذا لم يفعلوا ذلك نَزَغَ الشيطان بينهم، وأخرج الكلامَ إلى الفعال، ووقع الشرُّ والمخاصمة والمقاتلة، فإنّ الشيطان عدوٌّ لآدم وذريته من حينَ امتنع من السجود لآدم، فعداوتُهُ ظاهرة بينة، ولهذا نهى أن يشُير الرجلُ إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان يَنْزَغُ في يده، فربما أصابه بها).
قلت: وقد حفلت النصوص القرآنية والنبوية بآفاق هذه المعاني السامية:
ففي التنزيل:
1 - قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
2 - وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
3 - وقال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 96 - 98].
وفي صحيح السنة المطهرة:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تَحابّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبْتُم؟ أفشوا السلام بينكم] (?).
الحديث الثاني: أخرج الطبراني والبيهقي بإسناد حسن عن شقيق قال: [لبّى عبد الله رضي الله عنه على صفا، ثم قال: يا لسان قل خيرًا تغنم، اسكت تسلم، من قبل أن تندم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن هذا شيء أنت تقوله أم سمعته؟ قال: لا، بل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أكثر خطايا ابن آدم في لسانه] (?).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال