الدالة على صدق النبوة، فقل لهم - يا محمد - إن الله قد يخذل من يشاء عن الإيمان والتصديق بالآيات، ويهدي إلى الإيمان من تواضع لله وأناب. إن المؤمنين الصادقين تطمئن قلوبهم بذكر الله، وبذكر الله تطمئن القلوب. إن الذي آمنوا وعملوا الصالحات لهم البشرى والخير والكرامة في الآخرة.
فقوله: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} - هو من قول المشركين للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
أي: هلاّ أنزل ربك عليك - يا محمد - آية من آياته، إما ملك يكون معك نذيرًا، أو كنز يلقى إليك، أو تحوّل الصفا ذهبًا، أو تجري لنا ينبوعًا، أو تزيح الجبال من حول مكة ليصير مكانها المروج والبساتين.
قال القرطبي: (بين في مواضع أن اقتراح الآيات على الرسل جهل، بعد أن رأوا آية واحدة تدل على الصدق).
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} [الفرقان: 7, 8].
2 - وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: 59].
أخرج الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، بسند صحيح عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: [سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن ينحِّي الجبال عنهم فَيَزْدَرِعوا، فقيل له: إن شِئْتَ أن تَسْتَأنيَ بهم، وإن شئمت أن تؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أُهْلكوا كما أَهْلَكْتُ مَنْ قبلهم! قال: لا، بل أستأني بهم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً}] (?).