وقوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}.
أي: قل لهم يا محمد، إن الله يخذل من يشاء عن الإيمان والتصديق بالآيات، ويوفق من يشاء للهداية ممن رجع إليه وصدق التوبة والإقبال.
وعن قتادة: (قوله: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}، أي: من تاب وأقبل).
وقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}.
قال قتادة: (يقول: سكنت إلى ذكر الله واستأنست به). وقال مجاهد: (بالقرآن).
وقال سفيان: (بأمره). وقال مقاتل: (بوعده). وقال ابن عباس: (بالحلف باسمه، أو بذكر فضله وإنعامه، كما تَوْجل بذكر عدله وانتقامه وقضائه).
و"الذين" في محل نصب مفعول به ليهدي، والتقدير، يهدي الله الذين آمنوا، أو في محل نصب بدل من قوله: "مَنْ أناب".
وقوله: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. قال مجاهد: (لمحمد وأصحابه). قلت: بل الآية عامة.
أي: قلوب المؤمنين المخبتين إلى ربهم، فإن ذكر الله تعالى يؤنس وحشة القلوب المضطربة، والنفوس المتألمة، ويرجع على الروح بسعادة وطمأنينة.
وذكر الله يشمل القرآن وتلاوته وتدبر آياته، وكذلك التفكر في وعد الله ووعيده، وثوابه وعقابه، وجنته وناره، كما يشمل المبادرة إلى العمل بطاعته والقيام بتعظيم أوامره، وكذلك فإنه يشمل طلب العلم النافع الذي فيه بيان شرعه وهديه.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}.
هو ابتداء وخبره، أو التقدير: لهم طوبى، {وَحُسْنُ مَآبٍ} معطوف عليه. وفي معنى "طوبى" أقوال عند المفسرين:
1 - قال عكرمة: ({طُوبَى لَهُمْ}، قال: نعم مالهم).
2 - وعن الضحاك: ({طُوبَى لَهُمْ}، قال: غِبطة لهم).
3 - وعن ابن عباس: (قوله: {طُوبَى لَهُمْ}، يقول: فرحٌ وقُرَّة عين).
4 - وعن قتادة قال: (يقول: حسنى لهم، وهي كلمة من كلام العرب). وقال: (هذه كلمة عربية، يقول الرجل: "طوبى لك"، أي: أصبتَ خيرًا).