تحكم أئمَّتُهم بكتاب الله عز وجل ويتحَرَّوا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم] (?).

قال ابن جرير: ({وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}، فسادهم فيها، عملهم فيها بمعاصي الله، {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ}، يقول: فهؤلاء لهم اللعنة، وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جنانه، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}، يقول: ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة).

وقوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}.

أي: يبسط الله الرزق لبعض عباده ويُقَتِّر على بعضهم، وكل ذلك مقسوم بحكمته سبحانه، فربما كان لا يصلح حال بعضهم إلا بسعة الرزق ووفرته، وربما كان الإقتار هو الأنسب لبعضهم، وقد يفرح هؤلاء الذين بُسِطَ لهم على كفرهم ويغيب عنهم أن هذا استدراج من الله لهم، فإنما الحياة الدنيا متاع قليل للفريقين.

قال مجاهد: ({وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}، قال: قليل ذاهب).

وقال عبد الرحمن بن سابط: ({وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}، قال: كزاد الرّاعي يُزَوِّدُه أهله: الكفّ من التمر، أو الشيء من الدقيق، أو الشيء يشربُ عليه اللبن).

وفي التنزيل:

1 - قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 55, 56].

2 - وقال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77].

3 - وقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16, 17].

ومن كنوز السنة الصحيحة في مفهوم هذه الآية، أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن عقبة بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحبُّ، فإنما هو استدراجٌ. ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015