قال ابن زيد: ({سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ}، قال: حين صبروا بما يحبه الله فقدّموه، وصبروا عما كره الله وحرم عليهم، وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله، فسلم عليهم بذلك). وعن أبي عمران الجوني: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}، قال: الجنة من النار).

والخلاصة: كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أي: وتدخل عليهم الملائكةُ من ها هنا وها هنا للتهنئة بدُخول الجنة، فعند دخولهم إيّاها تَفِدُ عليهم الملائكة مُسَلِّمين مُهَنِّئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام، والإقامة في دار السلام، في جوار الصدِّيقين والأنبياء والرسل الكرام).

وقد حفلت السنة الصحيحة بأحاديث من جوامع الكلم النبوي في آفاق هذا المعنى:

الحديث الأول: أخرج الشيخان عن أبي هريرة مرفوعًا: [من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب أي فهلم. قال أبو بكر: يا رسول الله ذاك الذي لا توى عليه - أي لا خسارة ولا هلاك - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لأرجو أن تكون منهم] (?).

الحديث الثاني: روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا. وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا. وإن لكم أن تَشِبُّوا فلا تهرموا أبدًا. وإن لكم أن تَنْعموا فلا تبأسوا أبدًا. وذلك قوله عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]] (?).

الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [هل تدرون أوّل من يدخل الجنة من خَلْقِ الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أَوَّل مَن يدخلُ الجنة من خلقِ الله الفقراء المهاجرون الذين تُسَدُّ بهم الثغورُ، وتُتَّقى بهم المكاره، ويموت أحدُهم وحاجتهُ في صدره لا يستطيع لها قضاءً، فيقول الله تعالى لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فَحَيُّوهم. فتقول الملائكة: نحن سُكَّان سمائِك، وخيرَتُك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فَنُسَلِّمَ عليهم؟ قال: إنهم كانوا عبادًا يعبدونني لا يشُركون بي شيئًا، وتُسَدُّ بهم الثغور، وتُتَّقَى بهم المكاره، ويموت أحدُهم وحاجتُه في صَدْره فلا يستطيع لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015