الحساب"؟ قلت: لا -! قال: هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء) - ذكره ابن جرير بسنده إليه.

وقوله: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ}.

قال قتادة: (هؤلاء قوم انتفعوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه وَوَعَوْه، قال الله: {كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}، قال: عن الخير فلا يبصره).

وقوله: {كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}. قال القرطبي: (والمراد بالعمى عمى القلب، والجاهل بالدين أعمى القلب).

وقوله: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. قال ابن جرير: (يقول: إنما يتعظ بآيات الله ويعتبر بها ذوو العقول، وهي {الْأَلْبَابِ}، واحدها "لُبٌ").

20 - 24. قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}.

في هذه الآيات: نَعْتُ الله تعالى أولي الألباب: فهم أهل الوفاء بالعهد والميثاق، وأهل الوصل لما أمرهم الله بوصله، وأهل الخشوع والخوف من سوء الحساب. وهم أهل الصبر ابتغاء وجه ربهم، وأهل إقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله، ومتابعة السيئات بالحسنات، فأولئك لهم عقبى الدار. جنات عدن يدخلونها ومن وافقهم على منهاج الإيمان من الآباء والأزواج والذرية، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، ويحيونهم بالسلام مقابل صبرهم وجهادهم فنعم عقبى الدار.

فقوله: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} - صفة لأولي الألباب، والعهد اسم للجنس، والمقصود بجميع عهود الله. قال القرطبي: (وهي أوامره ونواهيه التي وصّى بها عبيده، ويدخل في هذه الألفاظ التزامُ جميع الفروض، وتجنب جميع المعاصي).

وقوله: {وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ}. قال النسفي: (ما أوثقوه على أنفسهم وقبلوه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015