قال: و"المتحيز"، الفار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وكذلك من فرّ اليوم إلى أميره وأصحابه. قال: وإنما هذا وعيد من الله لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، أن لا يفروا، وإنما كان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فئتهم).

وقال السدي: (أما "المتحرف"، يقول: إلا مستطردًا يريد العودة، {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}، قال: "المتحيز"، إلى الإمام وجنده إن هو كرّ فلم يكن له بهم طاقة، ولا يُعذَر الناس وإن كثروا أن يُوَلُّوا عن الإمام).

قال الحافظ ابن كثير: ({وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}، أي: يفر بين يدي قِرْنِهِ مَكِيدة، ليريه أنه خاف منه فيتبعه، ثم يَكُرّ عليه فيقتله، فلا بأس عليه في ذلك، نص عليه سعيد بن جبير والسُّدِّي.

قال: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}، أي: فرَّ من ها هنا إلى فئة أخرى من المسلمين، يعاونهم ويعاونوه، فيجوز له ذلك، حتى لو كان في سرية ففر إلى أميره أو إلى الإمام الأعظم دخل في هذه الرخصة).

وقوله: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.

أي: فقد رجع بغضب من الله وسخط مقابل فراره وتعريض الأمة لاستقبال الهلاك، ثم معاده عذاب جهنم في الآخرة وبئس المستقر والموضع والمنزل يصير إليه.

وقد حفلت السنة المطهرة بكنوز من جوامع الكلم في آفاق هذا المعنى، في أحاديث، منها:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات] (?).

الحديث الثاني: أخرج ابن ماجه في السنن، والبخاري في الأدب المفرد - واللفظ له - بسند حسن عن أبي الدرداء قال: [أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتسع: لا تشرك بالله شيئًا وإن قُطِّعْتَ أو حُرِّقْتَ، ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدًا، ومَنْ تَرَكَها متعمدًا برئت منه الذمة، ولا تشربن الخمر، فإنها مفتاحُ كل شر، وأطع والديك، وإن أمراك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015