ورحمة بهم لئلا يقعوا في الضلالة والهلاك ومصير المعاندين والمجرمين. قال ابن جرير: ({لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ}: وليؤمن بلقاء ربه إذا سمع مواعظ الله التي وعظ بها خلقه فيه، فيرتدع عما هو عليه مقيمٌ من الكفر به، وبلقائه بعد مماته، فيطيع ربه، ويصدِّق بما جاءه به نبيّه موسى - صلى الله عليه وسلم -).
وقوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
قال قتادة: (وهو القرآن الذي أنزله الله على محمد عليه السلام. فاتبعوا حلاله، وحرّموا حرامه). {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} أي: لترحموا وتنالوا شفاعة الله بالنجاة من عذابه وأليم عقابه يوم القيامة.
وقوله: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}.
أي: لئلا تقولوا بهذا الاحتجاج: إنه أنزل الكتاب على اليهود والنصارى ولم ينزل علينا.
قال مجاهد: (اليهود والنصارى. يُخاف أن تقوله قريش).
وقوله: {وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ}.
قال ابن عباس: (يقول: وإن كنا عن تلاوتهم لغافلين). وقال السدي: (يقول: وإن كنا عن قراءتهم لغافلين، لا نعلم ما هي). وقال ابن زيد: (الدراسة: القراءة والعلم. وقرأ: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ}. قال: علموا ما فيه، لم يأتوه بجهالة).
وقوله: {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ}.
قال قتادة: ({أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ}: فهذا قول كفار العرب).
وقال السدي: (يقول: قد جاءكم بينة، لسانٌ عربي مبين، حين لم تعرفوا دراسة الطائفتين، وحين قلتم: لو جاءنا كتاب لكنا أهدى منهم).
وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا}.
قال ابن جرير: (فمن أخطأ فعلًا وأشد عدوانًا منكم، أيها المشركون المكذبون بحجج الله وأدلته - وهي آياته -، {وَصَدَفَ عَنْهَا}، يقول: وأعرض عنها بعدما أتته، فلم يؤمن بها، ولم يصدق بحقيقتها).