وقوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
أي: هذه وصية الله لكم لعلها تحدث في حياتكم التقوي وتعظيم أمر الله واجتناب نهيه، ولتنهضوا بقوة لحمل الأمانة وإقامة هذا الدين.
154 - 158. قوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158)}.
في هذه الآيات: ثم آتى ربك - يا محمد - رسوله موسى الكتاب تمامًا لنعمه عنده، لما سلف له من صالح عمل وحسن طاعة وقيام بأمر الله، وتبيينًا لكل شيء من أمر الدين الذي أمره به وتفصيلًا لأحكامه وحلاله وحرامه، وتقويمًا لأتباعه المؤمنين على الطريق المستقيم، ورحمة لمن ضل منهم لعله يعود ويتعظ بهدى ربه ويسلك سبيل المؤمنين. وهذا القرآن الذي أنزله الله إليك يا محمد كتاب مبارك فاجعلوه إمامًا واعملوا بما فيه، واحذروا تجاوز حدود الله ومحارمه التي فصّلها لكم فيه، لتفوزوا بالنجاة يوم القيامة. إنما أنزل الله القرآن لئلا يقول المشركون من قومك - يا محمد - إنما أقيمت الحجة بالتنزيل على الطائفتين - من أهل الكتاب - قبلنا، ولم ينزل علينا، وقد كنا عن تلاوة كتبهم غافلين، ليست بلساننا، ولا ندري ما كتب فيها. أو لئلا يقول هؤلاء المشركون: لو أنزل علينا الكتاب كما أنزل على اليهود والنصارى قبلنا لكنا أحسن عملًا منهم، وأقوم اتباعًا للكتاب من سبيلهم. فها قد جاءكم كتاب بلسانكم عربي مبين، فيه الحجة البالغة عليكم، وفيه البيان والتفصيل لما أمرتم به، فمن أشد ظلمًا ممن كذّب