لكم، واحذروا الجور والظلم فإنه ساء طريقًا ومنهجًا، ولا تحملنكم قرابة قريب أو صداقة صديق على الانحراف عن منهاج العدل والحق، وأوفوا بعهد الله فالزموا طاعته واحذروا ما نهاكم عنه، وهذه وصية ربكم لكم لعلكم تتذكرون عواقب الأمور ونهاية الدهور ومشهد الحساب يوم القيامة. إن هذا الذي أوضحه لكم ربكم عز وجل هو صراطه المستقيم الذي فيه النجاة والعبور بسلام فوق الصراط إلى الجنات في دار الخلود، فالتزموه واحذروا سبل الشياطين الكثيرة التي تحرفكم عن سبيل النجاة إلى دار الشقاء والأهوال، وهذه وصية ربكم سبحانه إليكم لعلكم تحذرون وتتقون.
فقوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}. . الآية.
هذه هي الوصايا العشر التي قيل إنها وردت في التوراة والإنجيل والقرآن. قال القرطبي: (وقد قيل: إنها العشر كلمات المنزلة على موسى).
قال ابن عباس: (إن في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب، ثم قرأ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}. . . الآيات) أخرجه الحاكم. وقال ابن عباس: (هذه الآيات المحكمات التي ذكرها الله في سورة "آل عمران" أجمعت عليها شرائع الخلق، ولم تنسخ قط في ملة).
وقال ابن مسعود: (من أراد أن يقرأ صحيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي عليها خاتمه، فليقرأ هؤلاء الآيات: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}).
والمقصود: قل يا محمد - لهؤلاء المتطاولين على ربهم في التشريع - تقدموا واقرؤوا حقًا ويقينًا ما أوحى الله مما حرّم على عباده، لا ظنًا ولا كذبًا ولا زعمًا ولا افتراء.
وقوله: {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.
هو أصل الدين، ومفهوم شهادة التوحيد: {لا إله إلا الله}. فإن الشرك يهدم العمل ولو كان حسنات كالجبال، فيذرها قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا.
وفي التنزيل:
1 - قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}.