وقوله: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ}.
قال ابن عباس: (فهو اللبن، كانوا يحرِّمُونه على إناثهم، ويشرَبه ذُكْرانهم. وكانت الشاةُ إذا ولدت ولدًا ذكرًا ذَبَحوه، وكان للرجال دون النساء. وإن كانت أنثى تُرِكت فلم تُذبح، وإن كانت مَيْتَةً فهم فيه شركاء. فنهى الله عن ذلك).
وقال الشعبي: (البحيرةُ لا يَأْكُلُ من لَبَنِها إلا الرجال، وإن ماتَ منها شيءٌ أكَلَهُ الرجال والنساء). وقال مجاهد: ({وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا}: هي السائبة والبحيرة).
وقوله: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ}.
قال مجاهد: (أي: قَوْلَهم الكَذِبَ في ذلك).
وقوله: {إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.
أي: حكيم في شرعه سبحانه وفي كل أقواله وأفعاله. عليم بكل شيء، وبما يجترئ عباده عليه من مخالفته، وبما سيقابل ذلك في الدنيا والآخرة من الخزي والشقاء.
وقوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.
أخرج البخاري فيِ صحيحه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [إذا سَرَّك أنْ تَعْلَمَ جَهْلَ العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومئةٍ في سورة الأنعام: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إلى قوله: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}] (?)
قال قتادة: (هذا صنيع أهل الجاهلية. كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السِّباء والفاقة، ويغذو كلبه، وقوله: {وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ}، الآية، وهم أهل الجاهلية. جعلوا بحيرةً وسائبة ووصيلةً وحاميًا، تحكمًا من الشياطين في أموالهم).
وقال الشهاب: (وفي قوله: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} بعد قوله: {قَدْ ضَلُّوا}