الكذب والزور، فإن ربهم لهم بالمرصاد، وينتظرهم عذاب موجع أليم فيه خزيهم وهوانهم ومذلتهم.

وقوله: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ}.

قال ابن عباس: (الحِجْرُ: الحرامُ، ما حَرَّموا من الوصيلة، وتحريم ما حَرَّموا).

وقال قتادة: (تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم، وتغليظٌ وتشديد، وكان ذلك من الشياطين، ولم يكن من الله تعالى). وقال ابن زيد: ({حِجْرٌ}، إنما احتجروها لآلهتهم). وقال السدّي: ({لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ}، يقولون: حَرَام أن نُطْعِمَ إلا من شِئْنَا). وقال: (أما أنعامٌ حُرمت ظهورها فهي البحيرة والسائبة والحام. وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها، قال: لا إذا أولدوها، ولا إن نحروها). وقال مجاهد: (كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شيء من شأنها، لا إن ركبوا، ولا إن حَلبُوا، ولا إن حَمَلوا، ولا إن سَحَبُوا، ولا إن عملوا شيئًا). وقال أبو وائل: (هي البحيرة، كانوا لا يحجون عليها).

والآية تشبه ما في التنزيل من قوله تعالى:

1 - {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59].

2 - {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 103].

3 - {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116].

وقوله: {افْتِرَاءً عَلَيْهِ}.

أي: افتراء وكذبًا على الله في إقحامهم الجاهلية في دين الله وشرعه، مما لم يأذن الله به ولم يرضه بل عابه وحرّمه.

وقوله: {سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.

أي: سيثيبهم ربهم وسيحاسبهم على ما أسندوا إليه من التشريع الجاهلي المفترى، فإن أكذب الكذب وأشد الافتراء هو ما كان تجاه شرع الله ودينه الحنيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015