حفِظوه وأحصَوه. وإن سقطَ منه شيء فيما سُمِّيَ للصَّمد رَدُّوه إلى ما جَعَلوه للوَثَنِ. وإن سَبَقَهم الماء الذي جعلوه للوثن فسقى شيئًا جَعَلُوه لله جعلوا ذلك للوثن. وإن سَقَطَ شيءٌ من الحَرْثِ والثَّمَرِ التي جعلوا لله فاختلط بالذي جعلوه للوثن، قالوا: هذا فقير. ولم يَرُدوه إلى ما جعلوه لله. وإن سبقهم الماءُ الذي جعلوه لله، فسقى ما سُمِّيَ للوثن، ترَكوه للوثن. وكانوا يُحَرِّمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلةَ والحام، فيجعلونه للأوثان، ويزعمون أنهم يُحَرِّمُونه قربة لله، فقال الله - عز وجل -: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}. . الآية).

قال ابن كثير: ({سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}. أي: ساء ما يقسمون، فإنهم أخطؤوا أولًا في القسمة، فإن الله تعالى هو ربُّ كلِّ شيء ومليكُه وخالقُه، وله الملك، وكل شيء له وفي تَصَرُّفِه وتحت قُدْرَتِه ومشيئته، لا إله غيره، ولا ربّ سواه. ثم لما قَسَموا فيما زعموا لم يحفظوا القسمة التي هي فاسدة، بل جارُوا فيها، كما قال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57]. وقال تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 15]. وقال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 21، 22]).

وقوله: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}.

توبيخ آخر، وذم متتابع من الله تعالى، لهؤلاء المشركين الذين صدرت منهم تلك القسمة الفاسدة في الحرث والأنعام - تجاه ربهم وخالقهم وخالق حرثهم وأنعامهم، وقد زيّن لهم الشيطان بعد ذلك قتل أولادهم خشية الإملاق، ووأد البنات خشية العار. قال ابن عباس: (زينوا لهم، من قَتْلِ أولادهم). وقال مجاهد: {قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}: شياطينهم، يأمرونهم أن يئدِوا أولادهم خيفة العَيْلة). وقال السدي: (أمرتهم الشياطين أن يقتلوا البنات. وأما {لِيُرْدُوهُمْ}، فيهلكوهم. وأما {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}، فيخلطوا عليهم دينهم).

وفي التنزيل:

1 - قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ. . .} [النحل: 58، 59].

2 - وقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015