ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبدًا كالكوز مُجَخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه] (?).
111 - 115. قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}.
في هذه الآيات: تَفْهيمٌ من الله سبحانه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عن طبيعة هؤلاء المشركين المعاندين. يقول: فلو نزلنا إليهم - يا محمد - الملائكة حتى يروها وكلمهم الموتى بإحيائنا إياهم - آية من عندنا - لإثبات نبوتك، وأخبروهم أنك صادق محق فيما جئت به من الوحي، وحشرنا عليهم كل شيء قبيلة قبيلة، وجماعة جماعة، مقابلة ومواجهة، يكفلون أنك على الحق وأن ما تعدهم به هو الحق، ما آمنوا ولا صدّقوك ولا اتبعوك، ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون حقائق الإيمان والهداية والتوفيق لذلك من عند الله سبحانه. ثم إخْبارٌ من الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - عن سنته سبحانه في الابتلاء، بأن جعل لكل الأنبياء والرسل أعداءً من أقوامهم يؤذونهم بالجدال والخصومات بإيحاء من شياطين الجن واشتراك معهم بتزيين الباطل، ولو شاء الله لآمن الناس جميعًا وآمنت الشياطين وتركوا المكر والإجرام، فلا تأبه لهم - يا محمد - فدعهم وما يفترون ويكذبون. إنما تميل لتزيينهم قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة فيرضونه وليكتسبوا ما هم مكتسبون. قل لهم - يا محمد - أفغير الله أختار حكمًا وهو أحكم الحاكمين، وقد أنزل إليكم القرآن فيه بيان كل حكم وكل فصل أو قضاء، وأهل التوراة