وقوله: {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ}.

المعنى كما قال ابن كثير: (لئلا تُبْسَل). وقال ابن جرير: (أن لا تبسل). فحذفت لا، لدلالة الكلام عليها، كما في قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}. أي: أن لا تضلوا، أو كي لا تضلوا. وفي معنى {تبسل} أقوال متكاملة:

1 - قال ابن عباس: (تُفضح).

2 - قال عكرمة والحسن ومجاهد: (تبسل: تُسْلَم).

3 - قال قتادة: (تُحْبَس).

4 - وقال مُرّة وابن زيد: (تؤاخذ).

5 - وقال الكلبي: (تجازى).

وكلها أقوال متقاربة متكاملة في بيان المعنى، مفادها كما قال القاسمي: (مخافة أن تسلم إلى الهلاك، وترتهن بسوء كسبها، وغرورها بإنكار الآخرة).

وأصل الإبسال المنع. يقال: أبسله لكذا: عرضه ورهنه، أو أسلمه للهلكة. قال الرازي: (أبسله: أسلمه للهلكة).

وقوله: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ}.

قال النسفي: ({لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ} ينصرها بالقوة، {وَلَا شَفِيعٌ} يدفع عنها بالمسألة). قال: والمعنى: (وذكر بالقرآن كراهة أن تبسل نفس عادمة وليًّا وشفيعًا بكسبها).

وفي التنزيل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254].

وقوله: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا}.

قال قتادة: (لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لم يقبل منها).

وقال السدي: (فما يعدلها لو جاءت بملء الأرض ذهبًا لتفتدي به ما قبل منها).

وقال ابن زيد: ({وَإِنْ تَعْدِلْ}، وإن تفتد، يكون لهُ الدنيا وما فيها يفتدي بها، {لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا}، عدلًا عن نفسه، لا يقبل منه).

وفي التنزيل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015