مظلم، ويوم ذو كواكب. أي: اشتدت ظلمته حتى عاد كالليل، وظهرت الكواكب فيه).

وقوله: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}.

قال ابن جرير: ({تَضَرُّعًا} منكم إليه واستكانة وجهرًا، {وَخُفْيَةً}، يقول: وإخفاء للدعاء أحيانًا، وإعلانًا، وإظهارًا).

وقوله: {لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.

قال القرطبي: ({لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ} أي: من هذه الشدائد {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} أي: من الطائعين. فوبّخَهم الله في دعائهم إياه عند الشدائد، وهم يدعون معه في حالة الرخاء غيره بقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ}.

وفي التنزيل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ... } [يونس: 22 - 23].

وفيه كذلك: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)} [النمل: 63].

وقال في هذه الآيهْ: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ}.

أي: إن الله وحده القادر أن ينجيكم من هذه الظلمات ومن كل كرب وهم وغم دون شفاعة أحد ولا عون، ثم أنتم بعد ذلك إذا رجعتم إلى الرخاء تشركون ولا تشكرون.

قال القرطبي: ({ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} تقريع وتوبيخ، مثل قوله في أول السورة: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}. لأن الحجة إذا قامت بعد المعرفة وجب الإخلاص، وهم قد جعلوا بدلًا منه وهو الإشراك، فَحَسُنَ أن يُقَرَّعُوا ويُوَبَّخُوا على هذه الجهة وإن كانوا مشركين قبل النجاة).

وقوله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} - فيه أقوال:

1 - قيل {مِنْ فَوْقِكُمْ} عذاب السماء. {ومن تحتكم} الخسف في الأرض.

قال السدي: ({قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، عذاب السماء، {أَوْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015