وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن هانيء بن يزيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكْمُ] (?).
63 - 65. قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}.
في هذه الآيات: خِطَابُ الله المتتابع لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -، قل لهؤلاء المشركين بربهم -يا محمد-: من الذي ينجيكم إذا دخلتم في ظلمات سبل البر أو البحر وشعرتم بالخوف ومظنة الهلاك وتحيّرتم بهذا الضياع والضلال، إلا الله تعالى الذي إليه مفزعكم حينئذ بالدعاء، تدعونه استكانة سرًّا وجهرًا، لئن أنجيتنا يا رب من هذه لنخْلِصَنَّ لك الشكر والعبادة. قل لهم يا محمد: الله وحده القادر على نجاتكم وفرَجكم ثم أنتم بعد تَكَرُّمِه عليكم بالنجاة والفرج تشركون. إنه - جلت عظمته - هو القادر أن يعيدكم في الظلمات والأهوال مرة أخرى مقابل خيانتكم العهود والمواثيق وانتكاسكم مرة ثانية في أوحال الشرك، وأن يرسل عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يخلطكم أهواء مختلفة وأحزابًا متفرقة يقتل بعضكم بعضًا، فانظر يا محمد تتابع هذه الحجج والآيات على هؤلاء المشركين لعلهم يفقهون.
فقوله: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}.- قال قتادة: (يقول: من كرب البر والبحر).
قال القاسمي: ({ظُلُمَاتِ الْبَرِّ}، أي: شدائده، كخوف العدو، وضلال الطريق. {وَالْبَحْرِ} كخوف الغرق، والضلال، وسكون الريح. استعيرت الظلمة للشدة، لمشاركتها في الهول، وإبطال الأبصار، ودهش العقول. يقال لليوم الشديد: يوم