ولأريتكم الآيات والخوارق، والعذاب الذي تستعجلون، ولكنه بيد الجبار سبحانه، وهو أعلم بوقت إرساله على الظالمين. فعنده مفاتح الغيب لا يشركه بذلك أحد، وهو الذي يعلم ما في البر والبحر وما يجري فيها وما يكون، وما تسقط ورقة في الصحارى والجبال والبراري والأمصار والقرى إلا يعلمها، وكذلك لا يغيب عنه علم كل حبة أو شجرة وكل رطب أو يابس في أرجاء هذا الكون، بل هو مثبت في اللوح المحفوظ.

فقوله: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}.

أي: كما فعلنا في هذه السورة من بدايتها وقد بسطنا لك يا محمد في ذكر ما يدحض حجج المبطلين، فالأمر سيستمر كذلك في كل هذا القرآن العزيز. قال ابن جرير: (كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حق ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل).

قال قتادة: ({وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}، نبين الآيات).

وقوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} - فيه قراءات:

1 - قرأها عامة قراء المدينة: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ} بنصب سبيل. أي: لتستبينَ أنت يا محمد سبيل المعاندين المجرمين الذين رغبوا بطرد المؤمنين. قال ابن زيد: ({وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ}: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء).

2 - وقرأها بعض المكيين والبصريين: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}. والتقدير: ولتتضح لك يا محمد وللمؤمنين طريقُ المجرمين.

3 - وقرأها عامة قراء الكوفة: {وَلِيَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} بالياء في الكلمة الأولى بدل التاء. وأشهر هذه القراءات وأقربها القراءتان الثانية والثالثة، وهذا اختيار ابن جرير.

وقوله: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.

أي: فلا يستحق التعظيم إلا الله.

قال النسفي: (أي: صرفت وزجرت بأدلة العقل والسمع عن عبادة ما تعبدون من دون الله).

وقوله: {قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ} - تأكيد لقطع أطماعهم.

قال البيضاوي: (هو إشارة إلى الموجب للنهي، وعلة الامتناع عن متابعتهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015