أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [إنّ الله لمّا خلق الخلق كتب كتابًا عنده فوق العرش، إن رحمتي تغلب غضبي] (?).
وقوله: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
قال النسفي: ({أَنَّهُ} الضمير للشأن {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا} ذنبًا {بِجَهَالةٍ} في موضع الحال، أي: عمله وهو جاهل بما يتعلق به من المضرة، أو جعل جاهلًا لإيثاره المعصية على الطاعة {ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ} من بعد السوء أو العمل {وَأَصْلَحَ} أخلص توبته {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}).
55 - 59. قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}.
في هذه الآيات: يقول جلَّ ذكره: كما فصلنا لك يا محمد في هذه السورة من ابتدائها حتى هذا الموضع، كذلك نفصل لك الأدلة والحجج في كل حق لإزهاق محاولات أهل الباطل ولتتضح لك سبيل المجرمين. قل لهؤلاء المشركين -يا محمد-: إن ربي عز وجل نهاني عن عبادة ما تدعون من دونه ولن أوافق أهواءكم، وإن فعلت فقد اخترت حينئذ سبيل الضلال. إني على بيان من الله وحجة ناصعة وبرهان، وكذبتم أنتم بربكم، وما تستعجلونه من النقم والعذاب ليس بيدي، إنما الحكم في كل شأن في هذا الكون لله أعدل الحاكمين وخير الفاصلين. ولو أن بيدي ذلك لعجلت لكم به،