المؤمنين هداية توفيق وإلهام، اختصاصًا بهم بعد هداية الرسل الكرام. كما قال جل ذكره: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم]. وفي لفظ: [إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم] (?).

وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّبَ إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصوه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما تردّدت عن شئ أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته] (?).

فهذا الشكر المتتابع من العبد لربه عز وجل بحرصه على محابه، جلت عظمته، أعقبه الله فيه اختصاصًا وولاية، حتى صار في ذمة الله فمن عاداه فقد أعلن الله تعالى عليه الحرب، ومن آذنه الله بالحرب فقد هلك.

وقوله: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.

يعني: إذا جاءك يا محمد أهل الإيمان والتصديق فأكرمهم برد السلام عليهم، وبَشِّرهم برحمة الله الواسعة الشاملة، وقرِّبهم منك ولا تبعدهم.

قال البيضاوي: (وصفهم تعالى بالإيمان بالقرآن، واتباع الحجج، بعدما وصفهم بالمواظبة على العبادة، وأمره بأن يبدأهم بالتسليم، أو يبلغ سلام الله تعالى إليهم، ويبشرهم بسعة رحمة الله تعالى وفضله، بعد النهي عن طردهم، إيذانًا بأنهم الجامعون لفضيلتي العلم والعمل. ومن كان كذلك ينبغي أن يقرّب ولا يطرد، ويُعَزّ وَلا يُذَل، ويُبَشَّر من الله بالسلامة في الدنيا، والرحمة في الآخرة).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015