قال النسفي: (أي: أهلكوا عن آخرهم ولم يترك منهم أحد. {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ}: إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة، وأنه من أجل النعم وأجزل القسم، أو احمدوا الله على إهلاك من لم يحمد الله).

وفي كلام العرب: الدابر الآخر. دبر فلان القوم إذا كان آخرهم في المجيء.

قال القرطبي: (ومنه التدبير لأنه إحكام عواقب الأمور).

يروي ابن أبي حاتم عن قتادة قال: (بغتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون).

فالحمد لله الذي أظهر حججه، ونصر رسله، وأهلك أعداءه، تمكينًا لدينه في الأرض، وتكرمة لأوليائه وأهل طاعته أتباع رسله، فله الحمد في الأولى والآخرة، وفي كل حال.

46 - 49. قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}.

في هذه الآيات: يقول جل ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله العادلين به الأوثان والطواغيت، المكذبين بنبوتك ماذا لو أصمّكم الله فذهب بأسماعكم، وأَعْماكُم فذهب بأبصاركم، وطبع على قلوبكم فعميت الفقه والحجة وعدمت الفهم! فأي إله غير الله - جلت عظمته - يرد عليكم ما ذهب عنكم، انظر يا محمد كيف نتابع عليهم الأمثال والحجج ليعتبروا ثم هم يعدلون ويعرضون. قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان، المكذبين بنبوتك ماذا لو فاجأكم الله بعذاب من عنده، هل يحيق الهلاك إلا بالظالمين الآثمين. إنّما نرسل رسلنا بشارة لأهل الطاعة، نذارة لأهل المعصية فمن آمن وعمل صالحًا فلا خوف عليهم عند قدومهم على ربهم، ولا هم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015