يحزنون على ما خلفوا وراءهم في هذه الدنيا. وأما الذين كذبوا بالآيات والحجج وعاندوا فأولئك يباشرهم العذاب بما كانوا يكسبون.
فقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}.
أي: بأن أَصَمَّكُم وأَعْمَاكُم وغطى على قلوبكم ما يزول به عقلكم وفهمكم.
وقوله: {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ}.
أي: بما أخذ منكم وحرمكم من الاستمتاع بهذه النعم العظيمة. قال القاسمي: (وإنما خصت هذه الأعضاء الثلاثة بالذكر، لأنها أشرف أعضاء الإنسان، فإذا تعطلت اختل نظام الإنسان، وفسد أمره، وبطلت مصالحه في الدين والدنيا).
وقوله: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}.
أي: انظر يا محمد كيف نورد هذه الدلالات والأمثال ثم يُصِرُّ هؤلاء المشركون على الجحود والعناد والإعراض بغيًا وحسدًا وكبرًا. قال ابن عباس: ({يَصْدِفُونَ}: يعدلون).
وقال مجاهد: ({يَصْدِفُونَ}: يعرضون). وقال السدي: (يصدّون).
وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً}.
أي: أخبروني إن فاجأكم الله بعذابه على غرة أو معاينة تنظرون إليه.
قال مجاهد: ({قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً}، فجأة آمنين، {أَوْ جَهْرَةً}، وهم ينظرون).
وقوله: {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ}.
قال ابن جرير: (يقول: هل يهلك الله منا ومنكم إلا من كان يعبد غير من يستحق علينا العبادة، ويترك عبادة من يستحق علينا العبادة).
وقال القرطبي: (والظلم هنا بمعنى الشرك، كما قال لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}).
وقوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}.
قال الحسن: (مبشرين بِسعة الرزق في الدنيا والثواب في الآخرة. قال: ومعنى {مُنْذِرِينَ} مخوفين عقاب الله).