وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}.

يعني كتابة جميع دقائق تلك الأمم والعوالم في اللوح المحفوظ.

قال ابن عباس: (ما تركنا شيئًا إلا قد كتبناه في أم الكتاب).

وقال ابن زيد: (لم نغفل الكتاب، ما من شيء إلا وهو في الكتاب).

وقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}.

فيه قولان:

1 - قال ابن عباس: (موت البهائم حشرها). قال: (حشرها الموت).

2 - قال أبو هريرة: (يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدوابَّ والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجَمَّاء من القَرْناء، ثم يقول: "كوني ترابًا"، فلذلك يقول الكافر: {يَاليْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}) - ذكره بسنده ابن جرير.

والراجح القول الثاني، وهو أن الحشر هنا يُعنى به الجمع لبعث الساعة وقيام القيامة.

أخرج عبد الله بن أحمد في مسند أبيه، عن عثمانَ رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الجماء لتقتصّ من القرناء يوم القيامة] (?).

ويشهد له ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [لَتُؤدُّنَ الحقوقَ إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القَرْناء] (?).

وكذلك يشهد له ما أخرجه الطيالسي في "مسنده" عن الأعمش قال: سمعت منذرًا الثوري يحدث عن أصحابه عن أبي ذر قال: [رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتين تنتطحان، فقال: يا أبا ذر! أتدري فيما تنتطحان؟ قلت: لا، قال: ولكن ربك يدري، وسيقضي بينهما يوم القيامة] (?).

وقوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ}.

قال قتادة: (هذا مثل الكافر، أصم أبكم، لا يبصر هدى، ولا ينتفع به، صَمَّ عن الحق في الظلمات، لا يستطيع منها خروجًا، متسكّعٌ فيها).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015