وقوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً}.
أي: قل لهم يا محمد إن الله قادر على إنزال الخوارق والمعجزات والآيات، بنحو ما تعنتوا كقولهم: {وَقَالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)} [الإسراء]. وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} - فيه تفاسير متكاملة:
1 - لا يعلمون أن الله عز وجل إنما ينزل من الآيات ما فيه مصلحة لعباده، فهو العليم بمصالحهم.
2 - لا يعلمون ما يترتب عليهم في نزول ذلك من البلاء، أو ما يعقب ذلك من العقوبة لو كفروا بعد معاينة تلك الآيات.
3 - لا يعلمون ما كتب الله من إخراج عباد صالحين من أصلابهم يؤمنون بالله ورسوله، فلم يرد سبحانه من أجل ذلك استئصالهم.
4 - لا يعلمون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك من حكمة الله التي لا يحيط بها أحد.
5 - لا يعلمون أن ذلك الاقتراح منهم دليل على جهلهم.
وقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالكُمْ}.
فيه أقوال متقاربة:
1 - قال مجاهد: (أصناف مصنفة تُعرف بأسمائها).
2 - قال قتادة: (يقول: الطير أمة، والإنس أمة، والجن أمة).
3 - وقال السدي: ({إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالكُمْ}، يقول: إلا خلق أمثالكم).
4 - وقال ابن جريج فيها: (الذرّة فما فوقها من ألوان ما خلق الله من الدواب).
قال ابن جرير: (وكيف يغفل عن أعمالكم، أو يترك مجازاتكم عليها، وهو غير غافل عن عمل شيء دبَّ على الأرض صغير أو كبير، ولا عمل طائر طار بجناحيه في الهواء، بل جعل ذلك كله أجناسًا مُجَنَّسَة وأصنافًا مصنفة، تعرف كما تعرفون، وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون، ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها، ومُثْبَت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب).