فالكفار موتى القلوب، فكان ذلك تشبيهًا من الله لهم بأموات الأجساد.

وفي التنزيل: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70].

وقال في هذه الآية: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}. قال ابن كثير: (وهذا من باب التهكم بهم، والإزراء عليهم).

37 - 39. قوله تعالى: {وَقَالوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)}.

في هذه الآيات: يخبر تعالى عن قيل هؤلاء المعرضين الجاحدين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -: هلا نزل على محمد آية من ربه؟ قل يا محمد لهؤلاء - قائلي ذلك - إن الله قادر أن ينزل حجة على ما يسألون، ولكن أكثر الذين يسألون ذلك لا يدرون تبعات ذلك عليهم، أو وجه ترك إنزال ذلك. ثم أعلمهم أن الله محيط بأعمالهم وأقوالهم ومواقفهم، فلا يغفل سبحانه عن عمل شيء دبَّ على الأرض صغير أو كبير، ولا عمل طائر طار بجناحيه في الهواء، بل كُلُّ هؤلاء أُمَمٌ مُصَنَّفَة، قد أحصى أحوالهم سبحانه، وأثبت ذلك في أم الكتاب، وجميعهم آتيه إلى أرض المحشر يوم القيامة. ولكن مثل الكافر كالأصم الأبكم، لا يبصر هدى، ولا ينتفع به، صم عن الحق في الظلمات، لا يستطيع منها خروجًا، والله سبحانه يضل من يشاء من عباده عدلًا، ويهدي من يشاء إلى صراطه القويم فضلًا.

فقوله: {وَقَالوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ}.

قال الحسن: ({لَوْلَا} ها هنا بمعنى هلَّا). قال القرطبي: (وكان هذا منهم تعنتًا بعد ظهور البراهين، وإقامة الحجة بالقرآن الذي عجزوا أن يأتوا بسورة مثله، لما فيه من الوصف وعلم الغيوب).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015