فهو سبحانه لا يسأل عما يفعل لتمام علمه وكمال حكمته وعدله.
أخرج أبو نعيم في الحلية بسند حسن، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله لو شاء أن لا يُعصى ما خلق إبليس] (?).
وفي لفظ عند البيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: [يا أبا بكر، لو أراد الله أن لا يُعصى ما خلق إبليس].
وقوله: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
فيه أكثر من تأويل:
1 - قال ابن جرير: (يقول: فلا تكونَنَّ ممن لا يعلم أن الله لو شاء لجمع على الهدى جميع خلقه بلطفه، وأن من يكفر له من خلقه إنما يكفر به لسابق علم الله فيه ونافذ قضائه بأنه كائن من الكافرين، به اختيارًا لا اضطرارًا)،
2 - قال القرطبي: ({فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} أي: من الذين اشتد حزنهم وتحسروا حتى أخرجهم ذلك إلى الجزع الشديد، وإلى ما لا يحِل. أي: لا تحزن على كفرهم فتقارب حال الجاهلين).
3 - وقال النسفي: ({فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} أي: من الذين يجهلون ذلك. وهو أن لو شاء سبحانه: لجعلهم بحيث يختارون الهدى، ولكن لما علم أنهم يختارون الكفر لم يشأ أن يجمعهم على ذلك - كذا قاله الشيخ أبو منصور رحمه الله).
4 - وقال القاسمي: ({مِنَ الْجَاهِلِينَ} أي: بما تقتضيه شؤونه تعالى، التي من جملتها ما ذكر من عدم تعلق مشيئته تعالى بإيمانهم. إما اختيارًا، فلعدم توجههم إليه. وإما اضطرارًا، فلخروجه عن الحكمة التشريعية المؤسسة على الاختيار).
5 - وقيل: الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد به الأمة، فإن قلوب المسلمين كانت تضيق من كفرهم وإذابتهم.
قلت: والآية درس في إفهام أحد أركان الإيمان بالقدر، فإن هذا الركن العظيم يرتكز على أركان ثلاثة: هي صفات لله سبحانه:
1 - العلم. 2 - الحكمة. 3 - العدل.